كامل الجادرجي

كامل رفعت الجادرجي ولد في بغداد عام 1897 وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارسها ، ثم دخل كلية الحقوق وتخرج فيها ، وهو محام بارع وقائد وطني وسياسي صلب، وقد كان يتمتع بحس وطني منذ صباه فساهم في ثورة العشرين مع والده، فألقي القبض عليه ونفي إلى اسطنبول وفيها انتمى إلى الكلية الطبية، وبسبب ظروف خاصة فقد ترك الكلية وعاد إلى بغداد، وعين سكرتيراً لمحافظ بغداد، ثم صار معاوناً لوزير المالية عام 1926 وانتخب نائباً في مجلس النواب عام 1927 وكان أحد المعارضين لسياسة الحكومة.

يُعد كامل الجادرجي أهم داعية للديمقراطية في العراق خلال القرن الماضي في وقت كان هذا المصطلح غريبأ على مسامع أغلبية الشعب العراقي. فقد بدأ نضاله في العشرينيات من القرن الماضي. وفي عام 1930 انضم الجادرجي إلى حزب الأخاء الوطني الذي تشكل في تلك السنة برئاسة ياسين الهاشمي وأصبح عضوأ في لجنته المركزية. ثم استقال من الحزب لينضم إلى (جماعة الأهالي) التي تأسست عام 1932 من مجموعة من الشباب العراقي الواعية لخطورة الوضع وضرورة النضال من أجل استقلال العراق التام عن بريطانيا وفك معاهدة 1930، التي كانت تمثل طوقأ يكبل العراق ويشده إلى المستعمر رغمأ عنه.

واستمر في نضاله ضمن (جماعة الأهالي) حتى عام 1946 عندما تأسس الحزب الوطني الديمقراطي ليكون أول رئيس له حتى حل الحزب عام 1962 بسبب تعقد الوضع السياسي في العراق واحتدام الخلافات داخل الحزب نفسه. يقول المستر فول السكرتير الشرقي في السفارة البريطانية بعد مقابلة كامل الجادرجي زعيم الحزب الوطني الديمقراطي، في صباح يوم 8/8 /1958 :-

1- انه رئيس الحزب الوطني الديمقراطي.

2- انه نقطة استقطاب الطبقة المتوسطة ذات المشاعر الوطنية.

3- كان سجينا سياسيا وسبق ان أطلق سراحه قبل عدة أسابيع من قيام الثورة..

4- غير مشارك في حكومة الثورة لكنه بمثابة مستشار من وراء ستار لعدد من السياسيين وقادة الحكومة.

5- يستقبل سيلاً من الزوار (في بيته او في مقر حزبه).

6- انه شخصية مؤثرة (لها قدرة التأثير علي أوساط وطنية كثيرة).

7- يمثل الجاردجي نموذجا للاشتراكية المثالية التي تميل اليها الطبقة المتوسطة في العراق والتي كانت تعارض بعواطفها النظام السابق ولكنها لم تكن قادرة ان تغيره بنفسها.

انقلاب بكر صدقي

وبسبب رفضه لسياسة الحكومة وحسه الوطني وغليان الثورة في شعوره تكتل مع تشكيلات سرية للقيام بانقلاب عسكري بقيادة بكر صدقي عام 1936 فتولى وزارة الاقتصاد وبالرغم من قصر المدة فقد قام بالعديد من الإنجازات أهمها تقديم مذكرة يطلب فيها إعادة النظر في اتفاقيات النفط، كما ركز على حقوق العمال وتحديد ساعات العمل ولكنه اختلف مع قائد الانقلاب بسبب عدم وفائه بوعده لتحقيق مطامح السياسيين ومطالبهم. استقال من الوزارة ورحل إلى قبرص، وبعد مقتل بكر صدقي عاد إلى بغداد.

الحزب الوطني الديمقراطي

وجمع كامل الجادرجي الديمقراطيين وأسس الحزب الوطني الديمقراطي وفي عام 1946 اصدر صحيفة اسماها (الأهالي) وقد انضم إليه خيرة المثقفين والوطنيين وقام حزبه بنشاطات كثيرة منها أنه شارك في مقاومة المعاهدة العراقية البريطانية، كما وضع النواة الأولى لنقابة الصحفيين وترأسها حتى سنة 1950، وفي عام 1948 جهر بأنشطة منظماته الديمقراطية ودعا إلى الثورة على حكومة نوري السعيد فألقي القبض عليه وأودع السجن للفترة من 1956-1958 حتى قيام الثورة الوطنية العسكرية بقيادة عبد الكريم قاسم فقد أطلق سراحه ومارس نشاطه السياسي وانطلق الصوت الهادر من جديد وأصدر جريدة الأهالي الناطقة باسم الحزب الوطني الديمقراطي ودعا إلى إقامة الجبهة الوطنية .

جريدة الأهالي

اصدرت جماعة الاهالي ،جريدتها (الاهالي) في 2 كانون الثاني 1932 ومما جاء في صدر صفحتها الأولى وفي عددها الاول: (صحيفتنا هذه صحيفة شعبية ترى منفعة الشعب فوق كل المنافع، اما المنفعة الكبرى فكل ما يعود بالفائدة على الأكثرية من أبناء هذه البلاد كرفع مستوى المعيشة وضمان الرفاه المادي والنفسي وتثبيت وضع سياسي واقتصادي سليم واستثمار المواهب الفكرية وموارد البلاد الاقتصادية وخيرات البلاد المختلفة بأحسن الطرق واضمنها نفعا). تعرضت صحيفة الأهالي فيما بعد لكونها إحدى صحف المعارضة الوطنية للتعطيل وصدرت بدلاً عنها جريدة (صوت الأهالي) في 21 ايار عام 1934، عطلت الحكومة جريدة (صوت الأهالي) على اثر نشرها مقالاً بعنوان (خنق جديد للحريات في لائحة قانون المطبوعات) فأصدر الزعيم الوطني المعروف محمد جعفر ابو التمن والذي كان على اتصال بجماعة الأهالي، جريدة (المبدأ) التي تسلمت الأمانة من ادارة (صوت الأهالي). سعى الجادرجي بعد عودته من أوروبا مع بعض الديمقراطيين لإصدار جريدة يومية سياسية تهيىء الظروف لقيام حزب ديمقراطي موحد يضم جماعة الأهالي والمستقلين اليساريين والتقدميين, وكان ذلك بعد فشل حركة مايس 1941. فأصدر جريدة (صوت الأهالي) في 23 ايلول عام 1942، لتدخل تحت إشرافه عهداً جديداً من الكفاح إبان الحرب العالمية الثانية، والتمهيد لقيام الحزب الوطني الديمقراطي وقد عالجت الجريدة في ظروف حرجة، مختلف القضايا والمواضيع المهمة والحساسة التي تتعلق بمصالح الوطن وطبقات شعبه الوطنية.

الجادرجي والقضية الكردية

نالت القضية الكردية اهتمامأ كبيرأ من الحزب الوطني الديمقراطي ورئيسه رائد الديمقراطية في العراق كامل الجادرجي منذ تأسيسه عام 1946. فلقد تضمن منهج الحزب ونظامه الداخلي ما يلي: (يعتبر الحزب، الوطن العراقي ميدانأ للتعاون الحر على أساس المصلحةالمشتركة بين العرب والكرد وغيرهم من العناصرالتي يتكون منها العراق ، لهم فرص متساوية لإنماء قابلياتهم الفردية والمساهمة في تقرير السياسة العامة يقول الدكتور سلمان شمسة كان رأي الجادرجي أن الكرد يمثلون قومية لها لغتها وخصائصها، ودعا إلى ضرورة منحهم حقوقهم القومية ضمن أطار الوحدة الوطنية ومشاركتهم العرب في الحكم. وكانت تلك الدعوة في ذلك الوقت غاية في الجرأة وتعبر عن نظرة سليمة وعميقة للمسألة القومية وتعقيداتها. كما وقع في أيار 1962 مع عدد كبير من المفكرين العرب عريضة ُرفعت إلى عبد الكريم قاسم، تضمنت الدعوة إلى إجراء مفاوضات مع الكرد. ويقول الدكتور شمسة وقد عقد الجادرجي خلال تفجر الأوضاع تلك مؤتمرأ صحفيأ في داره بتاريخ 23 نيسان 1962 تعرض فيه إلى الوضع في كردستان وحقوق الكرد القومية ، مشيرأ إلى أنه من الخطأ اعتبار ما جرى ويجري في كردستان العراق هو مجرد تمرد أو عصيان، مؤكدأ على ضرورة الإعتراف بحقوق الكرد القومية ضمن الوحدة الوطنية وعلى ثبات موقف الحزب الوطني الديمقراطي بدعمه للشعب الكردي في نضاله من أجل الحصول على حقوقه كاملة.

وفاته

توفي الجادرجي مساء يوم الخميس الأول من شهر شباط عام 1968، على أثر نوبة قلبية سريعة لم يستطع معها اسعاف نفسه كما كان يفعل طوال السنوات الماضية عندما كانت تعتريه النوبات القلبية المفاجئة. وللجادرجي اربعة أولاد وبنت وهم رفعت وباسل ونصير ويقظان وآمينة

المصدر

انظر أيضا