نص المعاهدة العراقية البريطانية لعام 1922

جلالة ملك بريطانيا جلالة ملك العراق

بما أن جلالة ملك بريطانيا قد أعترف بفيصل أبن الحسين ملكاً دستورياً على العراق، وبما أن جلالة ملك العراق يرى من مصلحة العراق ، ومما يؤول الى تأمين سرعة تقدمه ، أن يعقد مع جلالة ملك بريطانيا معاهدة على أسس التحالف.

وبما أن جلالة ملك بريطانيا قد أقتنع بأن العلاقات بينه وبين جلالة ملك العراق يمكن تحديدها الآن بأحسن وجه ، وهو عقد معاهدة تحالفيه كهذه، تفضيلاً لها على أي وسيلة أخرى فبناء على ذلك، قد عين المتعاقدان الساميان وكيلين عنهما مفوضين لأجل القيام بهذا الغرض وهما :

من قِبل جلالة ملك المملكة المتحدة بريطانيا العظمى وأيرلندا ، والممتلكات البريطانية وراء البحار، إمبراطور الهند ، السير بيرسي كوكس ، المعتمد السامي البريطاني في العراق .

ومن قبل جلالة ملك العراق، صاحب السماحة والفخامة عبد الرحمن النقيب رئيس الوزارة العراقية، ونقيب أشراف بغداد .

اللذان بعد أن تبلغ كل منهما أوراق اعتماد الآخر ، ووجداها طبقاً للأصول الصحيحة المرعية ، قد اتفقا على ما يأتي :

المادة الأولى

بناء على طلب جلالة ملك العراق يتعهد جلالة ملك بريطانيا بأن يقوم في أثناء مدة هذه المعاهدة ، مع التزام نصوصها ، ما يقتضي لدولة العراق من المشورة ، والمساعدة ، بدون أن يمس ذلك بسيادتها الوطنية ، ويمثل جلالة ملك بريطانيا بمعتمد سامٍ، وقنصل جنرال ، تعاونه الحاشية الكافية .

المادة الثانية

يتعهد جلالة ملك العراق بأن لا يعيين، مدة هذه المعاهدة ، موظفاً ما في العراق من تابعية غير عراقية في الوظائف التي تقتضي إرادة ملكية ، بدون موافقة جلالة ملك بريطانيا ، وستعقد اتفاقية منفردة لضبط عدد الموظفين البريطانيين ، وشروط استخدامهم على هذا الوجه ، في الحكومة العراقية .

المادة الثالثة

يوافق جلالة ملك العراق على أن ينظم قانوناً أساسياً ، ليعرض على المجلس التأسيسي العراقي ، ويكفل تنفيذ هذا القانون الذي يجب أن لا يحتوي على ما يخالف نصوص هذه المعاهدة ، وأن يأخذ بعين الاعتبار حقوق ورغائب ومصالح جميع السكان القاطنين في العراق ، ويكفل للجميع حرية الوجدان التامة، وحرية ممارسة جميع أشكال العبادة ، بشرط أن لا تكون مخلة بالآداب والنظام العموميين ، وكذلك يكفل أن لا يكون أي تمييز بين سكان العراق ، بسبب القومية أو الدين أو اللغة ، ويؤمن لجميع الطوائف عدم نكران ، أو مساس حقها بالاحتفاظ بمدارسها ، لتعليم أعضائها بلغاتها الخاصة ، على أن يكون ذلك موافقاً لمقتضيات التعليم العامة التي تفرضها حكومة العراق ، ويجب أن يعين هذا القانون الأساسي ، الأصول الدستورية ، تشريعية كانت أم تنفيذية، التي ستتبع في اتخاذ القرارات في الشؤون المهمة المرتبطة بمسائل المالية ، والنقدية ، والعسكرية .

المادة الرابعة

يوافق جلالة ملك العراق ، وذلك من غير المساس بنصوص المادتين 17، 18 من هذه المعاهدة ، على أن يستدل بما يقدمه جلالة ملك بريطانيا من المشورة ، بواسطة المعتمد السامي ، جميع الشؤون المهمة ، التي تمس بتعهدات جلالة ملك بريطانيا الدولية والمالية ، وذلك طول مدة هذه المعاهدة . ويستشير جلالة ملك العراق المعتمد السامي ، الاستشارة التامة فيما يؤدي الى سياسة مالية ونقدية سليمة ، ويؤمن ثبات وحسن نظام مالية الحكومة العراقية ، مادامت تلك الحكومة مديونة لحكومة صاحب الجلالة البريطانية .

المادة الخامسة

لجلالة ملك العراق حق التمثيل السياسي في لندن ، وغيرها من العواصم والأماكن الأخرى ، مما يتم الاتفاق بين الفريقين الساميين المتعاقدين ، وفي الأماكن التي لا ممثل فيها لجلالة ملك العراق ، يوافق جلالته على أن يعهد الى جلالة ملك بريطانيا بحماية الرعايا العراقيين فيها ، وجلالة ملك العراق هو الذي يصدر التصديق على أوراق اعتماد ممثلي الدول الأجنبية في العراق بعد موافقة جلالة ملك بريطانيا على تعينهم .

المادة السادسة

يتعهد جلالة ملك بريطانيا بأن يسعى بإدخال العراق في عضوية عصبة الأمم في أقرب ما يمكن .

المادة السابعة

يتعهد جلالة ملك بريطانيا بأن يقدم من الإمداد والمساعدة، لقوات جلالة ملك العراق المسلحة ، ما يتفق عليه من وقت لآخر الفريقان المتعاقدان الساميان ، وتعقد بينهما اتفاقية منفردة ، لتعيين مقدار هذا الإمداد ، وهذه المساعدة ، وشروطها ، وتبلغ هذه الاتفاقية الى مجلس جمعية الأمم .

المادة الثامنة

لا يتنازل عن أراضى ما في العراق ، ولا تؤجر الى أي دولة أجنبية ، ولا توضع تحت سلطتها بأي طريقة كانت . على أن هذا لا يمنع جلالة ملك العراق من أن يتخذ ما يلزم من التدابير لإقامة الممثلين السياسيين الأجانب ، ولأجل القيام بمقتضيات المادة السابقة .

المادة التاسعة

يتعهد جلالة ملك العراق بقبول الخطة الملائمة ، التي يشير بها جلالة ملك بريطانيا، ويكفل تنفيذها في أمور العدلية ، لتأمين مصالح الأجانب ، بسبب عدم تطبيق الامتيازات والصيانات التي كان يتمتع بها هؤلاء ، بموجب الامتيازات الأجنبية، أو العرف، ويجب أن توضع نصوص هذه الخطة في اتفاقية منفردة ، وتبلغ إلى مجلس جمعية الأمم .

المادة العاشرة

يوافق الفريقان الساميان المتعاقدان ، على عقد اتفاقية منفردة، لتأمين تنفيذ المعاهدات أو الاتفاقات ، أو التعهدات، التي قد تعهد جلالة ملك بريطانيا بأن تكون نافذة فيما يتعلق بالعراق . وجلالة ملك العراق متعهد بأن يهيئ المواد التشريعية اللازمة لتنفيذها ، وتبلغ هذه الاتفاقات الى مجلس جمعية الأمم .

المادة الحادي عشرة

يجب أن لا يكون ميّزة ما في العراق للرعايا البريطانيين ، أو لغيرهم من رعايا الدول الأجنبية الأخرى ، على رعايا أية دولة هي عضو في جمعية الأمم ، أو رعايا أي دولة مما قد وافق جلالة ملك بريطانيا ، بموجب معاهدة ، على أن يضمن لها عين الحقوق التي تتمتع بها فيما لو كانت من أعضاء الجمعية المذكورة ، وتشمل كلمة رعايا الدولة الشركات المؤلفة بموجب قوانين تلك الدولة في الأمور المتعلقة بالضرائب ، أو التجارة أو الملاحة، أو ممارسة الصناعة ، والمهن، أو معاملة السفن التجارية ، أو السفن الهوائية الملكية، وكذلك يجب أن لا تكون ميزة ما في العراق لدولة ما من الدول المذكورة على الأخرى فيما يتعلق بمعاملة البضائع الصادرة منها ، أو المصدرة إليها ، ويجب أن تطلق حرية مرور البضائع وسط أراضي العراق بموجب شروط عادلة .

المادة الثانية عشرة

لا تتخذ وسيلة ما في العراق لمنع أعمال التبشير ، أو المداخلة فيها ، أو لتميّز مبشر على غيره ، بسبب اعتقاده الديني ، أو جنسيته ، على أن لا تخل تلك الأعمال بالنظام العام ، وحسن إدارة الحكومة .

المادة الثالثة عشرة

يتعهد جلالة ملك العراق ، بأن يساعد، بقدر ما تسمح به الأحوال الاجتماعية والدينية وغيرها على تنفيذ كل خطة عامة تتخذها جمعية الأمم ، لمنع الأمراض ومقاومتها ، ويدخل في ذلك أمراض الحيوانات والنباتات .

المادة الرابعة عشرة

يتعهد جلالة ملك العراق بأن يتخذ الوسائل اللازمة لسن نظام الآثار القديمة ، في خلال اثنتي عشر شهراً من تاريخ العمل بهذه المعاهدة ، ويكفل تنفيذه ، ويكون هذا النظام مؤسساً على القواعد الملحقة بالمادة 421 من معاهدة الصلح الموقع عليها في [سيفر ] في 10 آب 1920، فيقوم مقام النظام العثماني السابق للآثار القديمة، ويضمن المساواة في مسائل تحري الآثار القديمة بين رعايا جميع الدول ، من أعضاء جمعية الأمم، ورعايا أية دولة مما قد وافق جلالة ملك بريطانيا، بموجب معاهدة، على أن يضمن لها عين الحقوق التي تتمتع بها فيما لو كانت من ضمن أعضاء جمعية الأمم .

المادة الخامسة عشرة

تعقد اتفاقية لتسوية العلاقات المالية بيم الفريقين الساميين ، ينص فيها من جهة ، على تسليم حكومة جلالة ملك بريطانيا الى حكومة العراق ، ما يتفق عليه من المرافق العمومية ، وعلى تقديم حكومة جلالة ملك بريطانيا مساعدة مالية ، حسبما تقتضيه الحاجة في العراق ، من وقت الى آخر، وينص من جهة أخرى على تصفية حكومة العراق تدريجياً جميع الديون المتكبدة في هذا السبيل ، وتبلغ هذه الاتفاقية الى مجلس جمعية الأمم .

المادة السادسة عشرة

يتعهد جلالة ملك بريطانيا، على قدر ما تسمح به تعهداته الدولية ، بان لا يضع عقبة ما في سبيل ارتباط دولة العراق ، لمقاصد جمركية وغيرها ، مع من يرغب من ذلك من الدول العربية المجاورة .

المادة السابعة عشرة

في حالة وقوع خلاف بين الفريقين المتعاقدين الساميين ، فيما يتعلق بتفسير نصوص هذه المعاهدة ، يعرض الأمر على محكمة العدل الدولية الدائمة ، المنصوص عليها في المادة 14 من عهد جمعية الأمم ، وإذا وجد في حالة كهذه ، أن هناك تناقضاً في المعاهدة ، بين النص الإنكليزي والنص العربي ، يعتبر النص الإنكليزي المعول عليه .

المادة الثامنة عشرة

تصبح هذه المعاهدة نافذة العمل حال ما تُصدّق من قبل الفريقين المتعاقدين الساميين، بعد قبولهامن المجلس التأسيسي ، وتظل معمولا ًبها لمدة عشرين سنة ، وعند انتهاء هذه المدة تفحص الحالة ، فإذا أرتأ الفريقان الساميان المتعاقدان أنه لم يبقَ حاجة إليها، يصير الى إنهائها ، ويكون أمر الإنهاء عرضة للتثبيت من قبل جمعية الأمم ، ما لم تدخل المادة السادسة في حيز التنفيذ قبل ذلك التاريخ ، وفي الحالة الأخيرة يجب أن يبلغ إشعار الإنهاء الى مجلس جمعية الأمم ، ولا مانع للفريقين الساميين المتعاقدين من إعادة النظر من وقت لأخر في شروط هذه المعاهدة ، وشروط الاتفاقية المنفردة الناشئة عن المواد 7، 15، 17، بقصد إدخال ما يترائ مناسبته من التعديلات، حسبما تقتضيه الظروف الراهنة آنئذٍ ، وكل تعديل يتفق عليه الفريقان الساميان المتعاقدان ، يجب أن يبلغ الى مجلس جمعية الأمم ، ويجب أن تتبادل تواقيع التصديق في بغداد .وقد وضعت هذه المعاهدة بالإنكليزية والعربية، وستبقى صورة منها بكل من اللغتين في خزانة سجلات حكومة صاحب الجلالة البريطانية ، وللبيان قد وقع الوكيلان المفاوضان المختصان على هذه المعاهدة وثبتا ختميهما عليها .

عملت في بغداد عن نسختين اثنتين، في اليوم العاشر من شهر تشرين الأول سنة 1922، الموافق لليوم التاسع عشر من شهر صفر سنة 1341هجرية .

عبد الرحمن النقيب بيرسي كوكس

نقيب أشراف بغداد المعتمد السامي

رئيس وزراء الحكومة العراقية لجلالة ملك بريطانيا في العراق

استقالة واعادة تأسيس الحكومة

وما كادت الحكومة العراقية تنتهي من إقرار هذه المعاهدة في 13 تشرين الأول 1922، حتى استصدرت إرادة ملكية في 19 تشرين الأول 1922 تقضي بانتخاب مجلس تأسيسي لكي يقوم بإقرار المعاهدة المذكورة، وإقرار دستور دائم للبلاد [القانون الأساسي ]، مستغلة الضربة التي وجهها المندوب السامي للمعارضة العراقية .

لكن ذلك لم يمنع من قيام الاحتجاجات الواسعة من قبل أبناء الشعب ، ورجالاته الوطنيين ، ورجال الدين ، حتى أن الأمام الخالصي أعلن أمام جموع حاشدة من المواطنين عن تخليه عن مبايعة الملك فيصل ، بسبب موقفه من المعاهدة .

كما أصدر علماء الدين في النجف والكاظمية فتاوى شرعية تحرم الاشتراك في الانتخابات المزمع إجراؤها لأجل إقرار المعاهدة .

كما حذا حذوهم رجال الدين السنة ، وأصدروا الفتاوى بمقاطعة هذه الانتخابات . ونتيجة للمعارضة العارمة من قبل الشعب لبنود المعاهدة ، التي كبلت بها بريطانيا العراق بقيود ثقيلة ، جعلته عملياً خاضعاً لمشيئتها ، اضطرت وزارة عبد الرحمن النقيب الى الاستقالة في 16 تشرين الثاني ، دون أن تحقق المهام الموكلة بها ، وقد قبل الملك فيصل الاستقالة ، وكلف السيد عبد المحسن السعدون بتأليف الوزارة الجديدة في 20 تشرين الثاني 1922 ، وجاءت الوزارة على الشكل التالي:

1ـ عبد المحسن السعدون ـ رئيسا ً للوزراء، ووكيلاً للعدلية.

2 ـ ناجي السويدي ـ وزيراً للداخلية

3ـ ساسون حسقيل ـ وزيراً للمالية

4 ـ عبد الحسين الجلبي ـ وزيراً للمعارف .

5 ـ ياسين الهاشمي ـ وزيراً للأشغال والمواصلات .

6 ـ عبد اللطيف المنديل ـ وزيراً للأوقاف .

7 ـ نوري السعيد ـ وكيلاً لوزير الدفاع .

وفي 25 تشرين الثاني صدرت الإرادة الملكية بتثبيت نوري السعيد وزيراً للدفاع .

وبعد مرور ستة اشهر من تأليف الوزارة السعدونية ، وقع العراق وبريطانيا برتوكولاً ملحقا بالمعاهدة والذي جاء فيه :

برتوكول

لقد تم التفاهم بين الفريقين الساميين المتعاقدين على انه ، رغماً عن نصوص المادة 18، يجب أن تنتهي المعاهدة، عند صيرورة العراق عضواً في جمعية الأمم ، وعلى كل حال يجب أن لا يتأخر إنهاءها عن أربع سنوات من تاريخ إبرام معاهدة الصلح مع تركيا ، وليس في هذا البرتوكول ما يمنع عقد اتفاقية جديدة لأجل تنظيم ما يكون بعد ذلك من العلاقات بين الفريقين الساميين المتعاقدين ، ويجب الدخول بمفاوضات بينهما لهذا الغرض قبل انتهاء المدة المذكورة أعلاه . وللبيان قد وقع المفاوضان المختصان هذا البروتوكول .

كتب في بغداد عن نسختين اثنتين في اليوم الثلاثين من شهر نيسان 1923ميلادية، الموافق لليوم الرابع عشر من رمضان 1341 هجرية .

عبد المحسن السعدون بيرسي كوكس

رئيس وزراء العراق المعتمد السامي

المصدر