سفينة دجلة السومرية

في عام 1977، أبحرت "سفينة دجلة" السومرية من أهوار البصرة الجنوبية في "القرنة" متوجهة عبر الخليج العربي وخليجي هرمز وعُمان، قاصدة شبه القارة الهندية.. وهذا ما سيرد لاحقًا في المسار الذي اتخذته السفينة القصبية دجلة في محاولتها العبور إلى الجانب الآخر من الحياة عبر البحار والمحيطات. يومها اقتربت الأسطورة من الواقع كثيرًا، ولامسته، واتّحدت به بطريقة مثالية، جاذبة لروح القديم البعيد ومتآخية معه. فأعادت الكثير من الماضي السومري إلى واقعه الحي؛ حتى بات النظر إلى التاريخ، كما لو أنه مجرد زمن يمكن استعادته بوسائله القديمة، والقبض على طبيعته الفطرية، وتجريده إلى عناصره الأولية. ويومها نجحت دجلة في أن تخترق البحار لتؤكد أن العالم الإنساني واحد، مهما تباعد وابتعد، لا بد وأن يلتقي بعد البحار ويتجاذب ويتلاقح ويُنتج الكثير من المعرفة. ونعتقد أنّ الحضارات الأولى بدأت من هنا.. من الماء.

الزمن الثابت هنا هو فاصلة تاريخية طويلة في حياة الأهوار العراقية التي عاشت تقلبات أركيولوجية ومائية وسياسية واجتماعية وزراعية. لكنّ الجغرافية بقيت كما هي منذ أكثر من 4000 سنة. لتكون مغامرة العالِم الأنثروبولوجي النرويجي ثور هايردال (رحل عام 2002) الأولى والأخيرة في البحر السومري، وفي مجال الانحياز للإنسان القديم، في تواصله الحضاري الحثيث، وتمكنه من إنشاء علاقات مع الحضارات المجاورة له في أقل تقدير، عبر البحر والمسالك المائية المعقدة. لذلك فقد هضم هايردال الزمن القديم، واستوعب ما فيه من عناصر أولية، بعد دراسة الواقع الأنثروبولوجي والتاريخي مع مجموعة من العلماء الأجانب، ليشرع برحلة أسطورية غريبة وفذة، انطلاقًا من أهوار الجنوب العراقي في البصرة، ليترك توقيعه الشخصي في هذه المنطقة الحيّة، بالرغم من مرور أربعة عقود ونصف على إنجازه غير المسبوق. حينها ترك أثرًا عظيمًا بصناعته (سفينة دجلة) عام 1977 فأخرجها من الأسطورة والخيال السومري إلى الواقع المعاصر، وسافر بها عبر البحر والخلجان مع مجموعته المُختارة، ليثبتَ بأنّ مصدرية الحضارة البشرية واحدة إلى حد كبير، واعتبار أن السفينة دجلة تقارب الجذر الملاحي الأول، إن لم تكن هي جذره، وأن الملاحة في الخليج العربي (هي الأولى في الأرض على وجه الإطلاق) مثلما أراد أن يقول بأن العودة إلى الطبيعة، هي التي تمنح الإنسان فكرة الوصول إلى حقيقة التاريخ الطبيعي.

دجلة في رحلتها الأولى والأخيرة

صناعة سفينة دجلة كانت فنًا من الفنون القديمة التي برع فيها السومريون في بلاد الرافدين. وهذا أمر ليس جديدًا في المعارف العامة، فالشعوب الأولية كانت تستنجد بمعطيات بيئتها ومواردها المتوفرة، وتخلق الأفكار منها. وكان هايردال يعرف هذه الحقيقة من مصادرها القديمة. لذلك اتخذ من منطقة "القرنة" في البصرة قاعدة أمينة له. فموارد صناعة القارب متوفرة، وأهمها القصب والبردي المقطوع في شهر آب/ أغسطس كما أشار عليه المسنّون القدامى، وباعتباره "المقوّم الأساسي للحضارات النهرية القديمة" إضافة إلى أن البردي كان قد أستخدم من قبل السومريين الأوائل في رسم خطوط الحضارة العراقية. وهو العنصر الطبيعي الذي يتوفر بكثرة في مناطق الأهوار الجنوبية حتى اليوم. لذلك استقدم هايردال خمسة من أفضل صانعي القوارب من البردي والقصب من قبيلة آيمارا - من هنود أميركا الجنوبية، ليصنعوا من الخيال القديم وما تركته الحفريات والصور من مقتربات واضحة في كيفية مثل هذه الصناعة، برمزية أن الحضارات الإنسانية كانت واحدة. لذلك نجد- أيضًا- أن العاملين معه من العلماء في هذه الرحلة كانوا من جنسيات عالمية مختلفة. فقد تَشكل طاقم دجلة من عشرة علماء إضافة إليه وهم:

النيران تلتهم سفينة دجلة بعد قرار هيردال إحراقها احتجاجا على عسكرة المنطقة والحروب

▪ المستكشف نورمان بيكر من الولايات المتحدة الأميركية.

▪ متسلق الجبال وخبير الحبال كارلو ماوري من إيطاليا.

▪ الطبيب يوري سنكافيج من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية.

▪ عالم الآثار جيرمان كاراسكو من المكسيك.

▪ الخبير الفني نوريس بروك من الولايات المتحدة الأميركية.

▪ المصور المحترف تحت الماء الفنان تورو سوزوكي من اليابان.

▪ البحار الكابتن ديتليف زولتزيك من ألمانيا.

▪ المساعد الفني (الطالب) أسبيورن دامهز من الدانمارك.

▪ المساعد (الطالب) هانز بوهن من النرويج.

▪ اضافة إلى الفنان رشاد نزار سليم من العراق. وهو ابن أخ الفنان العراقي الراحل جواد سليم.

هذا الطاقم الذي رآه هايردال مكتملًا من الجوانب كافة، هو الذي أبحر به بعد اكتمال بناء سفينة القصب دجلة بجهود فنية كبيرة. بلغ طول السفينة 18 مترًا؛ وهو طول خيالي لسفن بدائية قديمة؛ وكان توديعها بجمهور رسمي واجتماعي حافلًا جدًا، معيدة إلى الأذهان أول صورة سومرية لهذه السفينة القصبية، وهي تمضي إلى البحر عبر شط العرب والخليج العربي، قاطعة 6000 كيلو متر، مارّة من سواحل الإمارات العربية المتحدة، ومضيق هرمز ثم بحر العرب، وإلى باكستان، حتى عادت أدراجها وتوقفت في خليج عدن. وتم إحراقها على سواحل جيبوتي في نهاية الأمر.. ولهذا الأمر قصة..!

السومريون الجدد

من الطبيعي أن نطلق على هذه المجموعة أحفاد السومريين من دون الأخذ بجنسياتهم في عالمية المغامرة؛ فهم يعيدون إلى الحياة الحضارية جزءًا حيويًا من حضارة التاريخ الماضي، ويؤكدون على التقارب الإنساني بين الحضارات، عبر البحار العريضة. مثلما كان الهدف هو إثبات أن السومريين "هم أول من صنع السفن الشراعية من القصب والبردي.. واثبات أن الخليج العربي هو أول بحر يتعامل به الانسان، وبداية الملاحات البحرية لم يعرفها غير الخليجيين.. وقد ساعد البحرُ السومريينَ ليصلوا إلى أبعد نقطة في العالم..".

وحينما اكتمل بناء السفينة واندفعت في مياه شط العرب، متوجهة عبر الخليج العربي وإلى مضيق هرمز وبحر العرب.. كان هؤلاء يعيدون قراءات التاريخ، مكتشفين فيه أن البحار لم تكن عائقًا وفاصلا بين الشعوب والحضارات، بل وسيلة رابطة بين الشرق والغرب، وبهذا الفعل الرمزي المغامِر، إنما يتمثلون التاريخ ومغامراته الأولية في التجسير بين الشعوب وحضاراتها المائية وحتى البرية منها. لذا نجد في مذكراته اليومية عن هذه الرحلة كان هايردال يكتب (أعيش متعة هذا التنطط بعنف على ظهر مركب سومري من القصب) وهذا الانتماء الطبيعي إلى الحياة السومرية، هو الذي دعاه أن يكتب أيضًا (كان لا بد لنا ونحن في مياه الخليج أن نمتلك نفس الأسلوب العراقي السومري من الرحلات الملاحية القديمة.. ننطلق من هنا لنثبت للعالم أننا جئنا من مملكة سومر..) و(نفتتح البحار أو نعيد إنتاج مسالك البحار..) و(فتحنا الأبواب على مصاريعها أمام العالم..) ما جعل نظرياته مقبولة، وهو في سعيه الحثيث لاكتشاف العالم القديم ومناقشة التراث المعرفي القديم بخيال فائق المدى، الأمر الذي جعله يجترح مشاريع ميدانية كثيرة، بعيدة عن التقليد والروتين المؤسساتي. وهذا ما جعله قريبًا من السكان المحليين في الأهوار والأدغال والقرى البعيدة، فأتيح له المجال الكامل لأن يستعمل الموارد المتاحة التي كان يستعملها الأقدمون. ومن ثم كان سهلًا عليه الاعتماد على شخصيات علمية تثق بقدرته على الإيغال في عوالم الماضي عبر الحاضر مهما كان بدائيًا.

ومن أجل أن نتتبع هذه الرحلة الجريئة، ليس هناك أفضل من وصفها سوى هايردال نفسه، وسنوجزها بهذه الإشارات المتسلسلة، وهي بقلمه:

  • كان العراقيون السومريون قد غامروا فعلًا بطوافاتهم البدائية في البحر، وانتشروا على السواحل.

  • قضيتُ الجزء الأكبر من حياتي محاولًا دحض من يقول إن البحر كان عائقًا أمام البشرية والسفر والتبادل الثقافي.

  • نمرُّ في مضيق هرمز بين أسِنّة الجبال على الطرفين لننزل في مسقط عمان محققّين أكبر إنجاز تاريخي بقطعنا بحر الخليج.

  • كنا في الخليج نواجه سفن البترول العملاقة، ولمدة ثلاثة أيام ونحن نصارع الرياح والأمطار الثقيلة. ثم لاحَتْ أمامنا سواحل شمال غرب باكستان.

  • توقفنا في ميناء مدينة "وادي موهانجو دارو" بجوار نهر شمال شرق "كراتشي" ونزلنا إلى الأرض الباكستانية.. واكتشفنا بما لا يقبل مجالًا للشك أن العراقيين السومريين كانوا وراء نشوء حضارة وادي السند عبر الخليج.

  • مَضَتْ ثلاثة أشهر علينا منذ أن بدأنا الرحلة في سفينة "دجلة"، وكنّا قد دخلنا بها في نهر يحمل اسم السند.

  • بدأنا نتحول شيئا فشيئا للإبحار نحو أفريقيا، ولكننا لم نفّكر أبدًا بنهايةٍ لرحلتنا التاريخية التي كان العالم يترقبها.

  • لاحَتْ أمامنا رؤوس الجبال، وبانَ لنا خليج عدن عند منطقة القرن الأفريقي.

  • كانت سفينتنا تعلن عبر إذاعتها أن سفينتنا التي لها مهمة إنسانية تسعى للاتصال بين الأمم، وهي تثبت للعالم الدور التأسيسي لأقدم الحضارات البشرية.

  • سمعنا: نداء إلى دجلة.. نداء إلى دجلة.. لا تتوقف في سقطرى.. فإنك ستكون في خطر.. تجنّب الصومال.. فالبلد في حالة حرب.. ثم أعلن رفضه لمنح الإذن لدخول مياه اليمن الجنوبي الديمقراطي، لأن الحرب لم تزل مستعرة في أرتيريا. كنتُ على أمل أن أبحر في البحر الأحمر نحو مصر، وأتوقف كي أذهب بَرًا إلى أثيوبيا، ولكن الصراع من جميع الأطراف قد منعنا وسَدَّ علينا الطريق.

  • وصلت الأوامر بمنع السفينة السومرية "دجلة" من عبور مضيق عدن (باب المندب) نحو البحر الأحمر، بسبب كثافة التواجد العسكري والقطع البحرية في خضم الحرب الباردة ولعبة الصراع الدولي.

  • الحقيقة السياسية تقول إن ثمة مؤامرة إقليمية وعربية سياسية كانت قد تبلورت ضد هذا "المشروع". فهل بالإمكان أن سفينة من القصب تمّثل خطورة على الأساطيل وحاملات الطائرات؟ أم أن السفينة دجلة (وهي التي تحمل علم الأمم المتحدة) لا يُراد لها أن تعانق أرض الكنانة؟

لم تكن محاولات هايردال ممكنة وناجحة لإدخال سفينته القصبية إلى باب المندب والانطلاق إلى مصر عبر البحر الأحمر. فعرف أن المعاملة القاسية كانت من السلطات العربية حين أصرّت على منعها من مواصلة رحلتها الاستكشافية. وكان هذا خيبة أمل له، وقطعًا قصديًا لمشروعه التاريخي الذي بنى عليه آمالًا كبيرة، مثلما كان العالَم ينتظر النتائج الميدانية لهذه الرحلة - المغامرة.

بطاقة شخصية

ثور هايردال عضو الأكاديمية النرويجية للعلوم والآداب. استحصل شهادة الدكتوراه في الفلسفة. وهو عالم آثار ومستكشف ومؤرخ وعالم أحياء بحرية وبحّار ومغامر. يهتم بوصف الأعراق البشرية وتاريخ انتقال الحضارات، إضافة إلى كونه كاتب سيناريو ومخرج أفلام. لمع اسمه منذ أن قام "برحلة الكونتيكي الاستكشافية" والتي قطع بها مبحرًا على طوف مبني من خشب شجر البلسا مسافة 8000 كيلومتر عبر المحيط الهادئ، ولا شك بأن مثل هذه المعارف وجهود المغامرات أثمرت عن الكثير من الجوائز التي كان يستحقها عن جدارة : جائزة بير جينت (1999) ووسام صليب القديس أولاف من رتبة فارس أعظم (1987) ونيشان استحقاق الجمهورية الإيطالية من رتبة ضابط أكبر (1965) وميدالية الراعي (1964) والوسام النمساوي للعلوم والفنون ونيشان الاستحقاق المصري ووسام استحقاق الجمهورية الإيطالية ووسام الشمس وميدالية لومونوسوف الذهبية.. وغيرها.

وفي خضم هذه النشاطات أصدر هايردال عددًا من الكتب أبرزها:

• رحلات رع - الناشر: دار المعارف- ترجمة، تحقيق: ميشيل تكلا

كتاب عن القصة الكاملة لسفينتي البردي رع1 و رع 2 وتفاصيل الرحلة الملهمة للسفينة الأولى.

• رحلة كون تيكي (6 رجال وببغاء على طوف في المحيط الهادي) - الناشر: مكتبة الأسرة

• رحلة الكونتيكي الاستكشافية – The Kon-Tiki Expedition- نُشرت لأول مرة عام 1950

• فاتو هيفا - العودة إلى الطبيعة، كتاب نشر في عام 1974 يشرح بالتفصيل تجاربه وتأملاته خلال إقامة لمدة 15 شهرًا في جزيرة فاتو هيفا في 1837-1938

• (البحث عن الجنة) نُشر في النرويج عام 1938، ولكن بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية لم يُترجم.

ومثل هذه الأوسمة والشهادات الفخرية والنياشين والإصدارات التاريخية والجغرافية والعلمية، لا بد وأن تكون وراءها آثار عملية لهذا المغامر الميداني، الذين ارتهنت حياته في القديم من المعارف، وتتبع الحضارات الإنسانية في كل مكان على وجه الأرض. فعايش التاريخ القديم من وجهه البحري، مقتفيًا أثر الحضارات الأولى، وأسسها الملاحية والتجارية على نحو صبور. فامتثل لهواجس العالِم المغامر برحلات بحرية كثيرة تُسجّل في أرشيفه الشخصي، وأرشيف الرحلات الاستكشافية العالمية التي أرادت توطين الحقائق على الطبيعة، مهما كانت معقدة وصعبة ومستحيلة. ولم تُسجّل لهذا البحّار العالِم إخفاقات بحثية بحرية ميدانية على مدار رحلاته، سوى ما واجهه من صعوبات فنية ومشاكل آلية، تتعلق بصناعات الأطواف والسفن البدائية.

رحلات هايردال البحرية

قام هايردال بالعديد من الرحلات الاستكشافية في بحار العالم، ودوّن بعض النظريات الجغرافية التي تعالج الأثر الماضي وربطه بمعطيات الحضارات المجاورة الكثيرة. لذا نرى الاطلاع عليها باختصار، لنكون أمام شخصية كرّست جلّ اهتماماتها لمشروع التقاء الحضارات وتشابهها في الكثير من الأحيان. قبل أن ندخل في تفصيل رحلته الأسطورية على سفينة القصب - دجلة السومرية. ومع هذا المختصر تتوضح صورة الميداني المغامر الباحث عن حقائق التاريخ الجغرافية في ماضيها الكبير.

• أول رحلة له صحبته فيها زوجته. وصف أحداثها في كتابه (البحث عن الجنة) الذي تزامن صدوره مع الحرب العالمية الثانية. ومع هذه الحرب واسعة النطاق سافر إلى كندا للتعرف على حياة الهنود المحليين عن قرب، ومحاولة العثور على آثار للمسافرين البحريين الذين أبحروا من جنوب شرق آسيا في بداية العصر الحجري، ولكنهم لم يصلوا إلى بولينيزيا قبل بداية الألفية الثانية بعد الميلاد.

• قد تكون رحلة الكونتيكي الاستكشافية هي الأشهر قبل رحلة دجلة السومرية، التي نفّذها بناء على دراسته لحضارة الإنكا، التي استقدمها من فحص ودراسة تقارير متعددة عنها، والاطلاع على رسومات قديمة متبقية، كانت تعطيه تصورًا أوليًا عن أسفار شعب الإنكا التي تُشابِه حضارات جزر المحيط الهادئ، من حيث وجود اتصال بين شعوب أميركا اللاتينية وجزر البولينيزيا. وكان هذا قد حدث بعد نهاية الحرب، لما عاد إلى أبحاثه الأنثروبولوجية عام 1947.

• في عام 1956 نظّم رحلة استكشافية أثرية إلى جزيرة الفصح. قضى فيها عدة أشهر في جزيرة إيستر مع مجموعة من العلماء، لاستكشاف عدد من المواقع الأثرية المهمة.

• في عام 1969 بنى قاربًا من البردي أسماه (رع) حاول فيه عبور المحيط الأطلسي، واختار ساحل المغرب كنقطة انطلاق. وبعد أسابيع قليلة من الإبحار، وبسبب مشاكل فنية أهمها انحناء رع بسبب عيوب في التصميم، أدت إلى غطسه، اضطر الفريق إلى الإخلاء؛ لكنه عاد في عام 1970 لبناء نسخة معدلة من (رع) شارك في بنائه حرفيون من بحيرة تيتيكاكا. عند مغادرته من نفس ميناء رع، وصل القارب بنجاح إلى بربادوس، مما يدل على أن الملاحين القدامى يمكنهم الإبحار عبر المحيط الأطلسي. وكانت فكرته أن يثبت أن المصريين القدامى وصلوا للمكسيك، بواسطة مراكب مصنوعة من البردي، لوجود الأهرامات في كلا البلدين، مع الفارق بينهما.

• في عام 1983 نظم رحلة استكشافية لمسح تلال الدفن الموجودة في جزر المالديف. فتم العثور على أساسات المباني الموجهة نحو الشرق، بالإضافة إلى تماثيل البحارة الملتحين بشحمة الأذن المستطيلة. أكد هذا نظرية توطين المهاجرين من سريلانكا في جزر المالديف. تم وصف الاكتشافات التي قام بها في كتابThe Maldivian Mystery.

• في عام 1989 قدم نظرية أكثر تفصيلًا عن تاريخ جزيرة ايستر، ذكر فيها أن الجزيرة كانت مأهولة في البداية من قبل "طويل الأذن" من أميركا الجنوبية، ووصل "قصير الأذن" إلى هناك من بولينيزيا فقط في منتصف القرن السادس عشر.

• عام 1991 يرتبط برحلة استكشافية إلى جزيرة تينيريفي، حيث استكشف أهرامات غيمار. ووفقًا لنظريته، فهي ليست جبالًا مرصوفة بالحصى ولكنها أهرامات فلكية.

ومع هذا التلخيص لرحلات هايردال الميدانية المتتالية في المحيطات والبحار، نلمس الكثير من الجهود والثقة العالة بالنفس، كما يمكن أن نقترب إلى حد كبير من هواجس الباحث لمعرفة التاريخ، والحياة البدائية القديمة التي يكتنفها الغموض في كثير من الأحيان.

المصدر