الاصلاح المالي للعراق/ 2017

رؤية للأعوام 2018-2020

نشر الدكتور مظهر محمد صالح على شبكة الاقتصاديين العراقيين ورقة بعنوان ( التعزيز المالي للعراق: رؤية لأعوام 2018-2020 ) "1". وكالعادة فأن استاذنا الجليل يضع امامنا ثقلة الاكاديمي العالي وخبرته العملية بصفتة المستشار الاقتصادي الأهم للحكومة.

لا جدال مع الدكتور حول وصف العلة، في الاقتصاد "الشديد الريعية". واذا اضفنا الى تدني اسعار النفط، واحتمال استمرار تدنيها، تزايد الدين الداخلي والخارجي والحاجة الى تغطيتهما في الامد المنظور، فأن "أعباء الحرب على الارهاب وأعباء. إعادة الاعمار... تتطلب برنامجا ماليا متشدداً لإعادة التوازن للاقتصاد والتوازن المالي (fiscal consolidation) للخزينة.

إلا ان مقترحات الدكتور صالح في "منهج التكييف والتعزيز المالي 2018-2020" تقع في نفس الخطأ والسراب المفقود الذي يقع فيه أغلب الاقتصاديين في الدول الريعية في الدعوة للتوازن بزيادة حصة الموارد غير النفطية في الدخل القومي .ففي العراق مثلاً, كل المحاولات التي بذلت منذ عام 1961 لحد اليوم لم تؤدي إلا الى تعميق الاعتماد الريعي في دوامة حتمية لا مخرج منها بسبب طبيعة الدولة الريعيه "2".

فالخلاص لا يكمن في اعادة نبش كل ماكتب حول الموضوع , فلم يبق باب إلا وطرقه الاقتصاديون, وكله يضيع في سراب الوهم امام ديناميكية الدولة الريعية التي تحتم تعميق الاعتماد الريعي الذي لاخلاص منة إلا بهدم الاساس الذي يعتمد علية الاقتصاد الريعي بمكوناتة الاربعه:

1- الدخل الرئيسي للاقتصاد من صادرات النفط.

2- لاتشكل القيمة المضافة والأيدي العاملة المحلية الا نسبة ضئيلة من القيمة الكلية للصادرات النفطية.

3- إيرادات النفط تأتي من الخارج.

4- يذهب الدخل الريعي الى الحكومة.

وتشهد الصراعات الداخلية، حتى في الدول الريعية التمثيلية (الديمقراطية ؟) تسابق على الاستحواذ على الريع (rent-seeking). ففي مجلس النواب العراقي (الديمقراطي) يتسابق النواب على اضافة اعباء على الموازنة لمناطقهم او ما يمثلونه في مصالح فئوية وجهوية. وتستسهل الجهات المنفذه ( الحكومة) التسابق في نهب المال الريعي من خلال الفساد المالي والاداري المتفشي في كل الدول الريعية ,والذي بلغ ذروتة في العراق . والذي يعتقد ان العراق حالة شاذة فالينظر الى ليبيا القذافي ونايجيريا وأنغولا وفنزويلا.

إذاً ما الحل؟

الحل هو قلب معادلة الدولة الريعية وتحويلها الى دولة جباية باعطاء الدخل النفطي الى المواطنين بدخل اساسي شامل (Universal Basic Incom)، وتمويل موازنة الدولة من خلال ضريبة تفرض على المواطنين. ومن حيث المبدا فأن المادة (111) من الدستور تنص على ان النفط والغاز ملك الشعب العراقي ,وهذا مدخل مناسب لقلب معادلة الدولة الريعية.

ومن هذا المنطلق، فأن المزايدات الشعبوية في تحميل الموازنة اعباء المزايدات النيابية,والفساد التنفيذي تنقلب الى حرص على تقليص الموازنة ومحاسبة السلطة التنفيذية من منطلق(لاضريبة دون تمثيل ومراقبة) (no taxation without representation).

عمليا, بالإمكان البدء بموازنة 2018 بالخطوات التالية

اولا : جمع الفقرات التالية وتحويلها الى رصيد نقدي شامل ومتساوي الى جميع المقيمين من المواطنين على اساس سجل العوائل الخاص بالبطاقة التموينية:

1- بيع النفط الخام الى الاستهلاك الداخلي بسعر السوق الخارجي، بعد خصم معين (5-8 دولار للبرميل).

2- ايقاف تخصيصات البطاقة التموينية ,والضمانات الاجتماعية وتحويلها الى حصة الدخل الاساسي الشامل.

3- ازالة تخصيصات الكهرباء من الموازنة ابتداء من عام 2018 ودفع قطاع الكهرباء للتمويل الذاتي ( مع توفير الغاز بالكلفة).

ثانيا : تجميد تخصيصات النفط للموازنات اللاحقة ( 2019 وما بعدها) عند سعر وكمية 2018,وتحويل كل زيادة في السعر والانتاج الى احتياطي صندوق الاجيال (صندوق سيادي)وتنمية الدخل الاساسي الشامل (U.B.I.),وربطه مستقبلا بإيرادات النفط خارج الموازنة.

المصدر